رئيس دائرة تقنية المعلومات - وزارة الخارجية salimy2k@hotmail.com

و تنامى اعتماد الدول على الانترنت وأصبحت القوانين تُشرًع لإعطاء المتعاملين الثقة التي يطلبونها لاستخدام الانترنت كوسيلة مهمة للتواصل بين المواطنين والحكومة، وشركات القطاع الخاص والحكومة، والمواطنين وشركات القطاع الخاص (التجارة الالكترونية)، وكمصدر مهم للتعليم والثقافة والتواصل بين الشعوب. وأصبحت المنظمات الدولية والإقليمية تنادي بدمج استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العملية الإنمائية وبإيجاد الوسائل الكفيلة بقياس التقدم نحو بناء المجتمع الرقمي والتي تشمل قدرة الأشخاص في هذه الدول إلى الولوج إلى الانترنت والاستفادة من المعلومات والخدمات التي يتم توفيرها عبر الشبكة العالمية. وتزايد عدد الشركات التي اعتمدت على الانترنت لاستراتيجياتها، سواء من حيث علاقاتها مع زبائنها ومورديها أو إدارة مواردها اللوجستية والبشرية وإتمام عمليات البيع والشراء. وأصبحت أحدى غايات وأهداف مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات تحقيق النفاذ الشامل للانترنت سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى القطاعين الخاص والعام.

وفي خُضُم هذه الوتيرة المُتسارعة من الأحداث للاعتماد على الانترنت في تسيير شؤون حياتنا اليومية أصبحت إدارة الانترنت ضمن المسائل التي تؤرق مضاجع كثير من المخططين في الإعداد للمجتمع الرقمي. وتُطرح كثير من التساؤلات المرتبطة بإدارة الانترنت:

هل يمكن أن نعتمد على الانترنت في تقديم خدماتنا؟ هل ستستمر الطريقة الحالية لإدارة الانترنت؟

إذا كان الانترنت يٌعتبر (نوع جديد من منشآت المصلحة العامة) فلماذا لا يكون للدول السيطرة على إدارته؟

والسؤال الأهم هو كيف تدار هذه الشبكة ومن يتحكم في طريقة عملها؟

وقد تم تداول إدارة الانترنت في مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات وهي أحدى القضايا الشائكة والتي تم تأجيل مناقشتها في المرحلة الأولى من مؤتمر القمة العالمي لمجتمع المعلومات والذي عُقد في جنيف في ديسمبر 2003 على أن يتم مناقشتها وتُعرض في المرحلة الثانية من هذا المؤتمر والذي سيُعقد في تونس نوفمبر 2005. وأفاد تقرير الأمم المتحدة للتجارة الالكترونية والتنمية 2004 بأن (غالبية البلدان النامية تشعر بأن الوضع الراهن المتعلق بهذه ] إدارة الانترنت [ لا يصب في مصلحتها وينبغي تغييره) ويرى البعض (الانترنت كنوع جديد من منشآت المنفعة العامة التي يشعرون أنهم لا يضطلعون بدورهم الشرعي فيها.) ( United Nations, 2004 ).

وخارج عن إطار هذه المناقشات وتلك نجد أن الانترنت سُمح له بالنمو والتوسع وغزو العالم بإدارة شبه ذاتية ساعدت على أن تعتبره جميع الدول (من منشآت المنفعة العامة) وتسخر الجهود وتضع القوانين للاستفادة القصوى منه. وتنقسم إدارة الانترنت إلى قسمين: الأول إشرافي وتقوم به هيئة ICANN (آي كان) والتي تشرف عليها وزارة التجارة الأمريكية، والثاني في قواعد التعامل ومراقبة المحتوى والذي تضطلع فيه الحكومات حول العالم بدورها بالإضافة الى القطاع الخاص. وكانت هناك عدة هيئات ومؤسسات تدعمها حكومة الولايات المتحدة تُشرف على تسيير الأعمال اليومية لهذه الشبكة حتى تم تحويل هذه الإدارة في عام 1998 إلى هيئة الانترنت للأسماء والأرقام المخصصة ICANN Internet Agency for Assigned Names and Numbers) ) ، وهي مؤسسة غير ربحية تحت إشراف وزارة التجارة الأمريكية. وتُعنى الهيئة بجانب الإدارة اليومية للانترنت من حيث الإشراف على تشغيل وإدارة المزود الجذري والذي يتكون من 13 خادم مركزي ( 13 root servers ) بالإضافة إلى تزويد المستخدمين بأرقام عناوين بروتوكول الانترنت ( IP Protocol ) وأسماء النطاقات ( Domain Name Systems ) لسجلات المواقع العامة عالية المستوى ( Top Level Domain ) البالغ عددها 15 اسم ( .com,.net,.gov وغيرها) بالإضافة إلى 240 سجل للدول (فمثلا .om لسلطنة عُمان و .uk للمملكة المتحدة). وتقوم الهيئة كذلك بتحديد وإدارة البروتوكولات المستخدمة على الانترنت مثل ( TCP/IP ). أما بالنسبة لتوزيع المرحلة الثانية من سجلات المواقع فتقوم بها هيئات ودول وشركات تحت إشراف ICANN . ولا تقوم الهيئة بالتحكم في نظم وقواعد التعامل ورقابة المحتوى في الانترنت، والذي يعتبر الجزئية الأخرى في إدارة الانترنت والذي يتم من خلال الحكومات والقطاع الخاص.

تقوم الحكومات في مختلف أنحاء العالم بأخذ دورها على المستوى الوطني في إدارة الانترنت بوضع القوانين التي تساعد على تنظيم استخدام الانترنت وحماية المستهلك وتشجيع الاستثمار وإعطاء الثقة لمتلقي الخدمات الحكومية للتعامل عبرا لانترنت وكذلك لمواكبة الركب نحو اقتصاد المعرفة. ولم يكفي أن تقوم الدول بمراقبة سوء استخدام الانترنت (المصطلح الذي يختلف من دولة إلى أخرى) بل أصبحت الدول تنادي وتشجع على استخدام الانترنت لذا فالقوانين الوطنية أصبحت مهمة للمستهلك المحلي وكذلك كجزء لا يتجزأ من المنظومة العالمية في التواصل بين الشعوب والتنسيق بين الحكومات. حيث تقوم كثير من الدول بعقد اتفاقيات ثنائية لتنفيذ القوانين وملاحقة المطلوبين عبر حدود الانترنت الافتراضية. و تسمح هذه الاتفاقيات بتشجيع التبادل التجاري عبر الانترنت بين شركات القطاع الخاص في هذه البلدان. وتضاف هذه القوانين إلى القوانين والأنظمة التي استحدثتها شركات القطاع الخاص والتي سبقت الحكومات في استخدام الانترنت، لحماية تعاملاتها عبر الشبكة العالمية، حيث أضحت التجارة الالكترونية تجربة ناجحة تستفيد منه الحكومات لتقديم خدماتها عبر الشبكة العالمية فيما يطلق عليه اليوم الحكومة الالكترونية.

وأعطت الإدارة شبه الذاتية للانترنت شركات القطاع الخاص القدرة على سن بعض القواعد والقوانين التي تحكم الانترنت كما أطلق عليها Lawrence Lessig في كتابه ( CODE and other Laws of Cyberspace ) البنية الأساسية أو ( Architecture ). فقامت الشركات بوضع القوانين والقيود في مواقعها وأقامت تحالفات لحماية الخصوصية لزبائنها والتحكم في تصرفات ورغبات هؤلاء الزبائن. فمثلا شركة امريكا اون لاين ( AOL ) التي لديها أكثر من 12 مليون مستخدم يلتزمون بالقوانين والقواعد التي فرضتها الشركة عبر نظامها الخاص. يقوم هذا النظام بمراقبة المفردات التي تستخدم من قبل المشتركين وتحمي من خلاله خصوصية المشتركين وتفرض عدم إساءة استخدام الخدمات التي توفرها لمخالفة القوانين وتتعاون مع السلطات المحلية لتزويد العدالة بالأدلة كلما دعت الحاجة إلى ذلك. كذلك تقوم الشركة من خلال هذا البرنامج بحماية المشتركين من الفيروسات والبريد الغير مرغوب فيها وغيرها من منغصات الانترنت. وتقوم الشركة بالتحكم في كيفية تجمع المشتركين من خلال غرف الاجتماعات الافتراضية حيث لا يُسمح لأكثر من 23 شخص للاجتماع في وقت واحد، ويُسمح فقط لمنتسبي امريكا اون لاين بمراسلة جميع المشتركين في نفس الوقت ( Lessig,1999 ).

وتقوم الحكومات والشركات بوضع (البنية الأساسية) الخاصة بها ضمن هذا العالم الافتراضي والتي تؤهلها أن تفرض أنظمتها وقوانينها على مجتمعها الافتراضي، وتصبح هذه الأنظمة مُلزمة لكل من أراد التعامل مع هذه الشركات والحكومات ضمن حدودها الافتراضية. لذا فالطريقة الحالية لإدارة الانترنت ستستمر، والطريقة المُثلى لإدارة الشبكة العالمية هي مزيج من القوانين الوطنية التي تضع الإطار القانوني وبين إدارة إشرافية من قبل مؤسسة غير حكومية ولتكن ICANN (آي كان) ، تحت مظلة الهيئات الدولية، وتتمتع باستقلاليتها في أعمالها الإشرافية عن تأثير الحكومات. بالإضافة إلى ما يجب أن يتخذه المنتفع من الانترنت والشبكة العالمية سواء بالتزود بالمعرفة وأخذ الحيطة والحذر للأفراد أو بوضع البنى الأساسية من برامج وأنظمة بالنسبة للمؤسسات والحكومات تتحكم في كيفية أداء خدماتها لزبائنها ولحمايتها من ذوي النوايا السيئة. وبالرغم من المناقشات التي تدور في أروقة المنظمات الدولية و تفاؤل البعض بانتقال إدارة ICANN إلى المنظمات الدولية بحلول عام 2006 فإننا لا نتوقع أن يحصل تغيير جذري لإدارة الانترنت في القريب العاجل. سواء الإدارة الإشرافية أو أن يكون للحكومات القدرة على التحكم في سلوكيات البشر بالكامل.

Anonymous (2001). “The Internet and Law: Stop signs on the web.” Economist: January 13, 2001.

Anonymous (2005) “ICANN Information’ http://www.icann.org/general. Retrieved February 15 2005.

Cerf Vinton (2004) “Internet Governance”.http://www.icann.org/ presentations/cerf-internet-publication-28oct04.pdf” Retrieved February 15, 2005.

Hasset Rob (1998). “Governing the Internet.” National Business Institute: October 29, 1998.

Lessig Lawrence (1999). “CODE and Other Laws of Cyberspace.” Basic Books: 1999.

United Nations (2004). “E-COMMERCE AND DEVELOPMENT REPORT 2004”: 2004